يقف بيت حمدي ملحس، الذي يقع على سفحة جبل مطلة على جبل القلعة في شارع معاذ بن جبل في منطقة الدوار الأول والمكون من ثلاثة أجزاء بنيت في فترات مختلفة، شاهدا على تاريخ مدينة عمان وتطورها منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى خمسينياته وما بعد.
البيت الذي بني أول جزء منه في عشرينيات القرن الماضي، كان قد بني عندما قررت العائلة الانتقال من منطقة وسط البلد، بجانب السيل، إلى منطقة جبل عمان. وهو بيت مبني من الطين يتكون من أربع غرف ومنافعها.
وعائلة ملحس كانت قد قدمت إلى عمان في العام 1904، وكان أفرادها تجارا ولهم سوق ملحس في منطقة وسط البلد، وتحديدا في الطريق التي كانت تعرف بطريق القدس القديمة عبر ناعور، وكانت من أوائل العائلات التي ناسبت الشركس.
ومع ازدهار التجارة بعد الحرب العالمية الأولى والثورة العربية الكبرى حين أصبحت عمان عاصمة الهاشميين، وسعت العائلة البيت، وبنت جزءا آخر من الحجر المدقوق وفيه بلاط ملون ونافورة وبحرة، والذي يعرف بـ”بيت الحوش” ويتكون من ثلاث غرف ومنافعها.
بعد نكبة 1948، أعطت أمانة عمان الكبرى تراخيص للبيوت بإمكانية اقتطاع الأرض الأمامية وترخيصها “تجاري طولي”، كما كان وقتها شارع السلط وشارع الأمير محمد. وبناء على هذا القرار، تم بناء دكانتين في العام 1952، وعاش حمدي ملحس وزوجته ثريا في بيت فوق الدكانتين، إلى أن توفيت الزوجة قبل حوالي تسع سنوات.
ويستذكر نزار ملحس، ابن حمدي ملحس، كيف كانت الحياة في أربعينيات القرن الماضي، واصفا إياها “الحياة كانت حلوة وكان الناس لبعضهم”. ويضيف نزار أن أبعد مكان كانوا يصلون إليه كان الكلية العلمية الإسلامية، وبالطبع كانوا يذهبون مشيا على الأقدام على الشوارع التي كانت ترابية حينها.
ويقول “والدي، رحمه الله، كان يقول إنهم كانوا يصلون من وسط البلد إلى جبل عمان باستخدام عربات الشركس التي كانت تصنع من القش ويجرها الثيران”.
ويضيف “كنا أنا والشباب نجتمع في بيت عمي كامل ملحس في شارع عصفور؛ حيث كانت لديه ساحة كبيرة ونلعب كرة القدم والطماية”، إلا أنه بعدها “توسعت المدينة وذهب كل شخص في طريق مختلف”.
مشاعر الحنين إلى البيت تغمر نزار الذي يستذكر كيف كانت العلاقات بين الجيران حميمية و”الكل يعرف بعضه” حسب وصفه. وهو يؤكد أن البيتين الأولين تم تأجيرهما لحوالي 30 عائلة مختلفة.
للبيت حديقة ومساحة مزروعة تنتشر فيها أشجار اللوز والحمضيات والتوت والزيتون والتين والجوز العنب وشجرة زنزلخت.
البيوت هجرت لفترة من الزمن وأصبحت المنطقة تجارية ويعمل بها العديد من الحرفيين، إلى أن جاء المهندس حازم ملحس (عمه حمدي ملحس)، المهتم بالبيوت القديمة وترميمها والحفاظ على التراث والآثار، وقرر ترميم البيوت وإعادة الحياة لبيوت ملحس في العام 2000.